فهرس الكتاب
الصفحة 94 من 614

.. الحالة الرابعة: حال من يتحاكم إلى غير الشريعة، فهذا إن كان يتحاكم إليها وهو راضٍ بذلك مريدًا له أو معتقدًا جوازه أو مفضلاً له على التحاكم إلى الشريعة الإسلامية، فهذا كافر الكفر الأكبر الخرج عن الملة؛ لأن الإسلام مشروط بالكفر بالطاغوت وهو بهذا التحاكم إلى هذا القانون وإرادته له واعتقاد أنه سائغ وأنه لا يكرهه هو بذلك مؤمن بالطاغوت وقد قال تعالى: ? يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ?، وقال تعالى: ? أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقومٍ يوقنون ?، وأما من تحاكم إليه مجبرًا على ذلك وهو كاره له ومعتقدًا عدم جوازه وليس براضٍ به لكنه أكره وألزم بالتحاكم إليه أو أن حقه لا يمكن استخراجه من خصمه إلا بذلك كما هو حال الدول التي تحكم بغير شريعة الله، بل لا تحكم إلا بالقوانين الوضعية، فهذا لا يدخل في إرادة التحاكم إلى الطاغوت؛ وذلك لأنه مكره على ذلك إما لأن خصمه ألزمه بالحضور إلى هذا القاضي القانوني وإما لأن حقه الذي ثبت له لا سبيل إلى تحصيله إلا برفع الأمر إلى هذه المحكمة القانونية، فهذا لا بأس به في أظهر أقوال أهل العلم، وإذا لم نقل بذلك فإن ستضيع حقوق كثيرة قد ثبتت لأصحابها في هذه الدول، والله أسأل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يهدي حكمائهم إلى تحكيم الشريعة، فهذا هو محصل المسألة، والله أعلم.

... س 91: ما عقيدة أهل السنة والجماعة في التعامل مع ولاة الأمر؟

... ج 91: عقيدتهم في ذلك تتضح بالأمور الآتية:

... الأول: وجوب طاعتهم في غير معصية الله تعالى، قال تعالى: ? يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ?، فعطف طاعتهم على طاعة الله ورسوله من غير إعادة فعل (أطيعوا) دليل على أنه ليس لهم الطاعة المطلقة، بل حقهم الطاعة المقيدة، فيطاعون في حدود الله ورسوله فإذا أمروا بمعصية فلا سمع ولا طاعة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام