الصفة لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته بل ودل العقل الصريح على إثباتها أيضاً وبيان ذلك أن يقال: إن الكلام من حيث هو صفة كمال لأن نقيضها نقص وهو البكم والخرس، وهذه الصفة أعني البكم والخرس لو اتصف بها المخلوق الضعيف العاجز كانت نقصاً بيناً فكيف يصلح إثباتها لمن له الكمال في المطلق سبحانه؟ وقد تقرر عند أهل السنة أن كل كمال في المخلوق لا يقص فيه فالله أحق أن يوصف به لأنه واهب الكمال ومعطيه ومعطي الكمال أولى بالكمال، فلما كان يلزم من نفى الكلام عنه وصفة بالنقص الذي هو منزه عنه وجب إثباتها على ما يليق بجلاله وعظمته ولذلك فإن من الأدلة المثبتة لبطلان إلهية الأصنام والأحجار وسلب الكلام عنها كما قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) (الأنبياء:63) وقال تعالى عنه (مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) (الصافات:92) بل وقد دل الدليل الفطري أيضاً على إثباتها لله تعالى، وهو أن الفطر السليمة التي لم تتلوث بعض علم الكلام المذموم ولا بقواعده المخالفة للمعقول والمناقضة للمنقول فإن هذه الفطر تعتقد أحقية الله تعالى بكل كمال وتنزيهه عن كل نقص، وصفة الكلام من الكمال فوجب إثباته لله تعالى، وهذا ما نعتقده بقلوبنا وننطقه بألسنتنا ولله الحمد والمنة ونسأله جل وعلا أن يثبتنا عليه إلى يوم لقاه ليجزينا به الجزاء الأوفى والله أعلم.
ج/ عقيدة أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى في القرآن في ثلاث نقاط: