وقوله تعالى (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال: من الآية 46) وأمثال ذلك، وكلها حق على حقيقتها على ما يليق بجلاله وعظمته، وتفسير السلف رحمهم الله تعالى للمعية العامة بالعلم والإحاطة والهيمنة والتدبر وتفسيرهم للخاصة بالنصر والتأييد والحفظ ليس تفسيراً بالحد الجامع المانع وإنما هو تفسير للشيء ببعض مقتضياته، وإلا فالقول الجامع في هذه الصفة أن يقال: أن من صفاته المعية فنحن نثبتها لله تعالى من غير تمثيل ولا تكييف ومن غير تحريف ولا تعطيل لأن الله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: من الآية 11) فبان ذلك أن معية الله لخلقه ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف، أنها حق على حقيقتها لكنها معية تليق بجلاله وعظمته ولا تشبه معية المخلوق للمخلوق وأنها لا تقتضي أن يكون الله تعالى مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم والله أعلم.
ج/ لا تعارض في ذلك البتة، لكن احذر من أن ينقدح في ذهنك مماثلة الله في صفاته بخلقه فإنه لا يتعارض إلا في ذهن من جعل صفات الباري وقدرته كصفات خلقه وقدرتهم وأما من قدّر الله حق قدره وعلم علم اليقين أنه ليس كمثله شيء فإنه أبداً لا يمكن أن يثور في شيء من هذه الإشكالات الباردة التي يوردها نفاة الأسماء والصفات، وقد جمع العلماء بين ذلك فقالوا: الجمع بين ذلك من وجوه:
الأول: أن الأدلة جمعت بينهما والأدلة لا يمكن أن تأتي بالمحال أبداً، فهي وإن أتت أحياناً بما يحار فيه العقل لكنها لا تأتي أبداً بما يتعارض مع العقول السليمة من الآفات الدخيلة.