... ج 369: العلاج الشافي والترياق الكافي هو الأخذ بهدي الكتاب والسنة اعتقادًا وقولاً وعملاً، وتفصيل ذلك في عدة أمور:
... الأول: كثرة الاستعاذة بالله من هذه الوساوس، وذلك لأن مصدرها الشيطان، فإنه حريص على إدخال ما يكدر صفو الاعتقاد وما يوجب ضيق الصدر، بل هذا من أكبر مقاصده، وهو عدو يرانا من حيث لا نراه، فطريق الخلاص من وساوسه أن نستعيذ بالله تعالى منه ومن وساوسه، قال تعالى: ? قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس. من شر الوسواس الخناس ?، وقد أعلمنا ربنا جل وعلا أنه بالاستعاذة يزول سلطانه عنَّا، قال تعالى: ? فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ?، وهذا العلاج من أعظم ما يدافع به العبد هوى الواردات، فالله تعالى جعل للشيطان سبيلاً على القلوب والنفوس، والاستعاذة بالله منه تسد عليه هذه الأبواب التي ينفذ منها. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?: (( يأتي الشيطان أحدكم فيقول: هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله عز وجل، فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ) ).
... فالوصية لمن يرد عليه شيء من ذلك أن يكثر من الاستعاذة بالله من هذا العدو المترصد اللدود الذي لا يرضيه إلا هلاك بنو آدم حسًا ومعنى.
... الثاني: الانتهاء عن هذه الوساوس وقطع التفكير فيها والاشتغال بغيرها وتغيير الحال الراهنة، فإن كان وحيدًا فليطلب من يجلس معه، وإن كان ساكتًا فليتكلم بشيء من ذكر وتسبيح أو قراءة قرآن، ونحو ذلك، بل ولو بحديث الدنيا النافع، والمقصود أنه ينتهي عنها بغيرها، ودليل ذلك ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ? السابق وفيه: (( ولينته ) ).