.. وقال تعالى عن نبيه نوح - عليه الصلاة والسلام: ? قل لا أقول لكم عندي خزائن الأرض ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ?، وقال تعالى عن نبيه محمد ?: ? قل لا أقول لكم عندي خزائن الأرض ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك ?، فهذا أول الرسل وآخرهم يؤمرون بإعلان ذلك القول أمام الملأ بأسرهم بأنهم لا يعلمون الغيب، فإذا كان هذا حال الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - فكيف يعتقد علم الغيب فيمن هو دونهم؟
... وقال تعالى: ? قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ?، وقال تعالى: ? وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ?، وهذه المفاتح هي الأمور الغيبية الخمسة المذكورة في آخر سورة لقمان: ? إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ... ? الآية.
... وبناءً عليه فلا أحد يعلم الغيب لا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا من أطلعه الله على شيء من ذلك.
... وكذلك الجن لا مدخل لهم في علم شيء من أمور الغيب، قال تعالى: ? فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته. فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ?، فعلم الغيب من خصائصه جل وعلا، وإذا سمعت أحدًا ينسب علم الغيب لأحدٍ فقل له منكرًا عليه مقالته: ? أعنده علم الغيب فهو يرى ?.
... وخلاصة الجواب: أن من ادعى علم الغيب فهو كافر ومن صدقه في هذه الدعوى فهو كافر أيضًا.
... ومثال ذلك: الأبراج التي يضعها الكهنة على بعض صفحات الجرائد كبرج الثور وبرج الأسد والعقرب ونحو ذلك، وهي معروفة، فإن واضعها كافر لأنه مدع لعلم الغيب ومصدق ذلك كافر أيضًا إن كان عالمًا بحقيقة الحال.
... ومثال آخر: من يصدق السحرة فيما يدعونه من علم الغيب.
... ومثال آخر: وهو من يصدق الشياطين فيما تخبر به من أمور الغيب، وكذلك من يصدق الكهنة، والله تعالى أعلم وأعلى.