وقالوا أيضاً: قال تعالى (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) (الأنعام: من الآية 103) فهذا نفي للإدراك الذي هو الرؤية، كذا قالوا، فقال أهل السنة: إن المنفي في هذه الآية ليس الرؤية وإنما هو الإدراك أمر يعقب الرؤية فهي تفيد أنه يرى ولكنه لا يدرك رؤية كما أنه يعلم ولكن لا يحاط به علماً، فكل إدراك رؤية وليس كل رؤية إدراكاً، أولا ترى إلى قوله تعالى (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء:61) فاثبت الرؤية ونفى الإدراك، فالإدراك أمر زائد على الرؤية، ففي الحقيقة أن هذه الآية دليل لنا لا لهم، لأنه لما نفى الإدراك علمنا أن هناك رؤية إذ لو لم يكن هناك رؤية أصلاً لما نفى الإدراك، وأضرب لك مثالاً: أنت ترى المساء لكن هل تدركها كلها؟ الجواب لا، فعندك رؤية بلا إدراك، ومثال آخر: أنت ترى الأرض لكن هل تدركها كلها؟ الجواب لا فعندك رؤية بلا إدراك، فالله تعالى وله المثل الأعلى يرى ولكن لا يدرك وذلك لكمال كبره وعظمته وعزته جل وعلا، فالمعتزلة فهموا أن معنى الإدراك هو الرؤية وهذا خطأ وضلال بل الإدراك هو الإحاطة , فلا حجة لأحدٍ في مخالفة ما ثبت به النص والله أعلم.
ج/ لا ليس من أسمائه القديم وذلك لأمرين:
الأول: أن أسماء الله تعالى مبناها على التوقيف أي على ورود الدليل ولم يأت فيما أعلم نص صحيح بذلك فحيث لم يثبت في ذلك شيء فإن الأصل عدمه فلا يجوز تسمية الله تعالى به.
الثاني: أن أسماء الله تعالى أسماء حسنى وذلك لاشتمالها وتضمنها صفات كمال من كل وجه، والقديم صفته القدم وهذه الصفة لا كمال فيها، فلا يصح تسمية الله تعالى به، وتستبدل باسمه الثابت بالإجماع (الأول) الذي ليس قبله شيء جل وعلا والله أعلم.