فهرس الكتاب
الصفحة 353 من 614

ج/ هذا يختلف باختلاف ما يقوم بقلب الطالب فإن قام بقلبه حب نفع نفسه وأخيه بدعاء الملك له، فإنه ما دعا أحد لأخيه بظهر الغيب إلا أجابه ملك وقال (آمين ولك بالمثل) فأنا قام في قلبي حب نفع أخي بدعاء الملائكة له فأمرته أن يدعو لي حباً لانتفاعه هو بدعاء الملك له مع انتفاعي أنا أيضاً بدعائه فهذا جائز لا بأس به وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم لعمر (لا تنسنا يا أخي من صالح دعائك) وأما إذا لم يتم في قلب الطالب إلا انتفاعه هو فقط بهذا الدعاء فهذا جائز أيضاً لكن تركه أفضل، فإنه صلى الله عليه وسلم قد أخذ العهد على بعض أصحابه ألا يسألوا الناس شيئاً فكان سوط أحدهم يسقط فينزل ويأخذه ولا يقول لمن تحته ناولنيه) ولأن منزلتك في قلب غيرك تخف بقدر سؤالك له، ولأن قلبك ولا بد أن تتعلق شعبة منه بالمطلوب الدعاء منه والمستحب للعبد في كل أحواله أن يتعلق قلبه بالله التعلق الكامل، ولأن الداعي لك قد لا يقوم في قلبه الإلحاح وشدة الافتقار وصدق اللجأ لله تعالى كما يقوم بقلبك أنت، لأنك صاحب الحاجة، وليس النائحة الثكلى كالمستأجرة، فدعاؤك لنفسك في هذه الحالة أكمل لأنه أتم في تحقيق مراتب العبودية في الدعاء من كمال الافتقار وغاية الذل وصدق اللجأ لله تعالى ويكره الإنسان أن يترك هذه الأحوال القلبية الكاملة اتكالاً على دعاء غيره له، ولأن سؤال غيرك أن يدعو لك فيه نوع ذلة ومسكنة له وقد يكون فيه إيذاء لذلك المسئول، والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام