.. ج 109: فيه خلاف قديم بين العلماء والأقرب في ذلك ما اختاره الشيخ تقي الدين وتابعه عليه ابن القيم - رحمهما الله تعالى: أن الملائكة أفضل باعتبار البداية؛ لأنهم الآن في الرفيق الأعلى منزهون عن ما يلابسه بنوا آدم مستغرقون في عبادته جل وعلا، ولاريب أن هذه الأحوال أكمل من أحوال البشر، وصالحي البشر أكمل باعتبار النهاية أي بعد دخول الجنة وينل الزلفى وتحية الرحمن والإكرام برؤيته في دار السلام وتخصيصهم بمزيد القرب وقيام الملائكة لخدمتهم بإذن ربهم يدخلون مسلمين عليهم من كل باب، قال ابن القيم: (وبهذا التفصيل يتبين سر التفضيل وتتفق أدلة الفريقين ويصالح كل منهم على حقه) اهـ.
... ج 110: نعم، والضابط في ذلك أنها تلعن من لعنه الله تعالى، وقد ثبت بذلك الأدلة الكثيرة، أذكر لك بعضها:
... فمنها: لعنتهم للكافرين، قال تعالى: ? إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ?، وقال تعالى: ? كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاءهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ?.
... ومنها: لعنهم للمرأة التي لا تستجيب لزوجها في فراشه، ولا مانع شرعي يمنعها من حيض أو نفاس، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?: (( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح ) )، وفي رواية: (( حتى ترجع ) ).
... ومنها: لعنهم للذي يشير إلى أخيه بحديدة، كما رواه مسلم ? من حديث أبي هريرة ? قال: قال أبو القاسم ?: (( من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه ) ).