.. وأما النظر فلأن تعليقه بالمشيئة منافٍ لإعظام الرغبة والجد والعزم في المسألة؛ لأن فيه نوع استغناء عن المدعو والمدعو به، ولأنه موهم بعجز الله وفقره فكأنه يقول: ولا ألح عليك بذلك، بل إذا شئت فافعل وهذا فيه سوء أدب مع الله تعالى؛ ولأن الله تعالى لا يكرهه أحد على إجابة سؤالك ما لم يكن هناك شدة إلحاح وإعظام رغبة، ولذلك ففي رواية البخاري: (( فإن الله لا مكره له ) )ولمسلم: (( ليعزم في الدعاء فإن الله صانع ما شاء لا مكره له ) )فكان من حسن الأدب مع الله تعالى ألا يعلق الدعاء بالمشيئة لسعة فضله جل وعلا وكبير إحسانه وجوده وكرمه، ولأنه تعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه فلا تنقص خزائنه جل وعلا بالعطاء ولو اجتمع الأولون والآخرون على مختلف أصنافهم وجاء بكل أدعيتهم فإنه لا ينقص ذلك من خزائنه شيئًا فلم التعليق حينئذٍ، والله أعلم.
... وأما قوله ?: (( طهور إن شاء الله ) )، فهذا ليس من باب الدعاء وإنما من باب الخبر، أي هو يخبر أن هذا المرض سيكون لك كفارة وطهور، والأخبار المستقبلية أو الغيبية لابد من تعليقها بالمشيئة والمنهي عنه هو تعليق الدعاء بالمشيئة، والله أعلم.
... ج 83: هذا القول لا يجوز وهو نوع من أنواع شرك الألفاظ وهو شرك أصغر.
... ودليل ذلك حديث قتيلة: (أن يهوديًا أتى النبي ? فقال: إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي ? إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت) رواه النسائي وصححه.
... وله أيضًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلاً قال للنبي ?: ما شاء الله وشئت. فقال: (( أجعلتني لله ندًا قل ما شاء الله وحده ) ).