فهرس الكتاب
الصفحة 299 من 614

ج/ نعم، قد دل الدليل العقلي والفطري على إثبات هذه الصفة، فأما الدليل الفطري فإن من المتقرر في الفطر السليمة التي لم تتلوث بعض أهل الكلام، أن الله تعالى في العلو، فإن من قام بقلبه حاجة وحلت عليه ضرورة وأراد أن يدعو الله تعالى بكشف حاجته وما به من ضر، قلبه لا يتجه إلى أسفل ولا إلى اليمين ولا الشمال ولا إلى الخلف بل يجد في قلبه ضرورة طلب جهة العلو ولذلك نجده من حيث يشعر أو لا يشعر يتجه ببصره ورأسه ويديه إلى السماء لأن فطرته تعلم جزماً أن مفرج الكربات وقاضي الحاجات ومغيث اللهفات في العلو , ولا عبرة بمن تلوثت فطرته وأفسدت بالشبهات التي يمليها شياطين الإنس والجن , فهذا أمر لا تنكره الفطرة بل قد استقرأوها عليه وأما دلالة العقل فمن

وجوه:

الأول: أن ضد العلو السفل أو المحاذاة والسفل نقص والمحاذاة توجب المساواة وهي نقص في حق الله تعالى والله منزه عن النقص فحيث انتفى السفل والمحايثة ثبت العلو وهو المطلوب.

الثاني: أن البشر يستشرفون أن يكونوا في العلو لعلمهم أنها كمال ولذلك تجد عليه القوم من الملوك والأمراء يعلون بنيانهم ويكونون في أعلاه، ويتشرف أحدهم إذا أجتمع رعيته في الشوارع أن يشرف عليهم من أعلا شرفات قصره ليكلمهم ويأمرهم و ينهاهم ولله المثل الأعلى فهو ملك الملوك وجبار السماوات والأرض العلي الأعلى، فحيث كان ذلك كمالاً في المخلوق فالخالق أحق أن يتصف به لأن كل كمالٍ ثبت للمخلوق لا نقص فيه فالله أحق بالاتصاف به والله أعلم.

ج/ يعتقد أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى أن الله جل وعلا مع خلقه معية تليق بجلاله وعظمته، وأنها قسمان:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام