.. وقال - عليه الصلاة والسلام: (( وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ) ).
... الثانية: الاحتجاج بالقدر على المعصية التي قد تاب منها التوبة النصوح الصادقة، فهذا أيضًا جائز لا بأس به؛ لأنه لا يريد بهذا الاحتجاج أن يسوغ لنفسه الاستمرار عليها؛ لأنه قد تاب منها، فإذا وقع الإنسان في شيء من المحرمات ثم تاب التوبة النصوح فعوتب في ذلك فله أن يقول: هذا أمر قدره الله علي، ويستدل على ذلك بحديث أبي هريرة ? في الصحيحين في محاجة موسى وآدم - عليهما الصلاة والسلام - وفيه: (( فقال آدم: يا موسى أتلومني على أن عملت عملاً كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين عامًا ) )، فآدم - عليه الصلاة والسلام - احتج على أكله من الشجرة بأنه أمر مكتوب ومقدر عليه، لكن هذا الاحتجاج إنما وقع بعد التوبة النصوح المقبولة، قال تعالى: ? ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ?، فهذا الحديث فيه دلالة على جواز الاحتجاج بالقدر على فعل المعصية التي تاب منها التوبة النصوح، والله أعلم.
... الثالثة: الاحتجاج بالقدر على فعل المعصية التي لا يزال يقارفها مسوغًا لنفسه بهذا الاحتجاج الدوام عليها والاستمرار في تعاطيها، وهذه هي الحالة الزائغة الممنوعة وتفصيل الجواب عنها سيأتي في السؤال الآتي - إن شاء الله تعالى -، والله أعلم.
... ج 169: أقول: قبل الإجابة على هذا السؤال المهم أحب أن أنبهك على أمرين مهمين غاية الأهمية، وهما:
... الأول: اعلم أن القاعدة عند أهل السنة تقول: يجوز الاحتجاج بالقدر في المصائب لا المعائب، ونعني بالمعائب أي المعاصي التي لا يزال يقارفها، وقد شرحنا هذه القاعدة في القواعد المذاعة.