.. أحدها: قال تعالى: ? وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ... ? الآية، فأثبت هنا أن النبي داخل ضمن من أرسل ومن لوازم ذلك أن يرسل إلى قوم ويبلغهم ما أرسل به، فكيف يقال: ولم يؤمر بإبلاغه؟
... الثاني: ثبت في الصحيح أن النبي ? قال: (( عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ) )، وهذا دليل على أنهم مبعوثون للبلاغ وأن من أطاعهم وصدقهم فهو معهم ومن عصاهم وكذبهم فقد خاب وخسر فكيف يقال: ولم يؤم بإبلاغه؟
... الثالث: أن المقصود الأعظم من الوحي هداية الناس وإرشادهم ودلالتهم إلى الصراط المستقيم، وما الفائدة من وحي لم يؤمر بإبلاغه من أوحي إليه، مع أن الناس في زمنه محتاجون لما معه أشد من حاجتهم للطعام والشراب، فيكف لا يلزم بإبلاغه مع شدة الحاجة وكثرة المخالفة.
... الرابع: أن الواجب على أهل العلم إبلاغ الشريعة وتعليم الجاهل وإرشاد الضال وإفتاء السائل، وقد توعدوا بالوعيد العظيم على كتم شيء من ذلك، فإذا كان هذا هو الواجب في حق أهل العلم فكيف لا يكون واجبًا في حق الأنبياء وهم أفضل وأكمل من أهل العلم، بل هم سادات أهل العلم، وأهل العلم إنما يصدرون عن قولهم ويبلغون شريعتهم، وهذا من باب الاستدلال بقياس الأولى وهو حجة بالاتفاق، قال تعالى: ? وإذ أخذ الله ميثاق الذين أتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ?.
... فأنت ترى أن هذا القول ترد عليه هذه الواردات التي هي في ذاتها صحيحة، ومجرد شهرته ليست بدليل على صحته.
... وبناءً عليه فالفرق الصحيح بين النبي والرسول: أن الرسول من جاء بشرع جديد، والنبي من جاء مجددًا لشريعة من قبله، والله أعلم.
... ج 118: لا اختلاف في ذلك البتة وبيانه أن يقال: