.. فهذا خلاصة مذهب أهل السنة في هذه المسألة المهمة التي حصل بسبب الجهل بها ضلال كثير وبلاء مستطير، فأسأله جل وعلا أن يحفظك من نزغات الشيطان ويعصمك من زلل اللسان والبنان، والله أعلى وأعلم.
... ج 352: نعم، وعلى العين والرأس، وأعيد تذكيرك بما قررته لك سابقًا من أني لا أحسب نفسي إلا خادم، بل خويدم لك في إيصال ما فتحه الله تعالى بتوفيقه وحسن فضله وتعليمه وامتنانه، وكلي شرف أن تقبل مني هذا العرض، فإن من دواعي افتخاري أن أكون خويدمًا لعباد الله تعالى.
... فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد الفضل والعون: الكرامات الثابتة كثيرة جدًا، ودونك بعضها:
... فمن ذلك: ما أجراه الله تعالى على يد الصالحة التقية الزكية النقية المصطفاة الطاهرة العفيفة مريم الصديقة - رضي الله عنها وأرضاها -، قال تعالى: ? كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ?.
... فإنه قد ورد عن السلف أنه كان يوجد عندها الفاكهة في غير أوقاتها المعتادة، ورد ذلك عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة، فهذا الرزق المذكور في الآية كان يوجد عندها في غير حينه وأوانه، وكانت امرأة صالحة تتعبد في محرابها ولا تتكلف أن تأتي به، وأيضًا لم يكن أحد يدخل عليها في محرابها إلا زكريا - عليه السلام - فكانت كلما دخل عليها مكان تعبدها وجد عندها هذا الرزق، فيتعجب ويقول: ? يا مريم أنى لك هذا ? فكانت تجيبه بقولها: ? هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ?.