.. وحقيقة قولهم في تكفير المعين: أنه لا يفتح مطلقًا ولا يغلق مطلقًا، بل هو موقوف على تحقيق شروط معينة وانتفاء موانع معينة، فإذا توفرت في المعين شروط التكفير وانتفت موانعه حكم بالكفر عليه عينًا، ومن تخلف فيه شرط من شروط التكفير أو وجد فه مانع من موانعه فإنه لا يحكم عليه بالكفر عينًا، وهذا الكلام فيمن كان من أهل القبلة، وأما من شهد النص من الكتاب وصحيح السنة بكفره عينًا فهذا لا كلام لنا فيه، وقد قدمناه سابقًا، وأما المعين من أهل القبلة فإنه لا يحكم عليه بالكفر عينًا بقولٍ أو فعل يقتضي التكفير إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع.
... ومن باب زيادة التسهيل أقول: التكفير قسمان: التكفير العام وهو جائز باتفاقهم، والتكفير للمعين وهو موقوف على تحقق الشروط وانتفاء الموانع، والله أعلم.
... ج 371: أقول: إن العلم بهذه الشروط من واجبات الأعيان على من أراد الحكم على المعين بالكفر لوقوعه في شيءٍ مما يقتضي الكفر، ولا يمكن أن يكون الحكم سليمًا موافقًا للحق إلا بالعلم بذلك، ودونك هذه الشروط بأدلتها وشيء من أمثلتها:
... الأول: العقل، أي أن يكون قائل الكفر أو فاعله عاقلاً، وضد العقل الجنون، فالعقل شرط والجنون مانع.
... وبناءً عليه: فمن فعل شيئًا من المكفرات قولية كانت أو فعلية وهو مجنون فإنه لا يحكم عليه بمقتضاه، وذلك لفوات شرط وهو العقل، ووجود مانع وهو الجنون، وفي الحديث: (( رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق ) )وهذا الشرط متفق عليه بين العلماء، والله أعلم.
... الثاني: البلوغ، أي أن يكون قائل الكفر أو فاعله بالغًا وضد البلوغ الصغر، فالبلوغ شرط والصغر مانع.