فهرس الكتاب
الصفحة 182 من 614

.. الأولى: قوله تعالى عن مريم: ? وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا ?، فانظروا - رحمكم الله تعالى -، امرأة نفاس خائفة مما سيواجهها تؤمر بهز جذع نخلة حتى يتساقط الرطب، وإنه لو اجتمع عدد من الرجال الأقوياء فإنهم قد يعجزون عن هزها، أَوَلا يقدر الله تعالى على إسقاط الرطب بلا هذا الهز؟ بلى هو قادر على كل شيء لكن من باب ربط الأشياء بأسبابها والأخذ بزمام الجد والمبادرة وترك التواكل والعجز والكسل، فهل يأتي بعد ذلك أحد يقول: سأدع العمل الصالح وأتكل على ما كتب لي؟ هذا والله عين الغباء والخبل.

... الثانية: قوله تعالى عن موسى: ? وأوحينا إليه أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ? فهذه الضربة بالعصى أمر بالأخذ بالأسباب وإلا فالله قادر القدرة التامة على فلق البحر بلا ضرب، ولكن أمر موسى أن يضرب في هذا الوقت العصيب مع أن هذا الضرب سيؤخرهم قليلاً والعدو قد اقترب منهم، ومع ذلك يؤمر بالضرب بالعصى، والله إنها لتربية على تعاطي الأسباب والأخذ بالأسباب المشروعة، والله تعالى أعلى وأعلم.

... س 168: ما حكم الاحتجاج بالقدر؟ مع بيان الدليل؟

... ج 168: أقول: مذهب أهل السنة والجماعة - رحمهم الله تعالى - هو أن الاحتجاج بالقدر منه ما هو سائغ مشروع ومنه ما هو زائغ ممنوع، فأما السائغ المشروع فأمران:

... الأول: الاحتجاج بالقدر عند نزول المصائب، فإذا نزلت المصائب فعلى العبد أن يتسلى بنسبتها للقدر فيقول: قدر الله تعالى ذلك ولا دافع لقضائه ولا معقب لحكمه، قال تعالى: ? ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ?، وقال تعالى: ? ما أصاب من مصيبةٍ إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه ?، قال علقمة: (( هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من الله فيرضى ويسلم ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام