... ج 34: أقول: حل السحر عن المسحور هي التي يسميها العلماء بالنشرة، وهي قسمان كما ذكره الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى:
... الأول: حل السحر بالقراءة الشرعية والأدعية الصحيحة، وهذا هو المشروع، بل لا يجوز حله إلا بذلك ويدخل في ذلك ضمنًا أن يعرف مكان السحر فيحل أو يحرق، كما فعل بسحر النبي ? فإن جبريل - عليه الصلاة والسلام - قد رقاه بقوله: (( باسم الله أرقيك من كل داءٍ يؤذيك من كل شر أو عين حاسد الله يبريك باسم الله أرقيك ) )، فنعم القارئ ونعم المقروء عليه، وقد رأى النبي ? مكان سحره في منامه - ورؤيا الأنبياء حق - وأرسل من يأتي به فحلوه فقام كأنما نشط من عقال، وحينئذٍ فنقول: إذا تكررت الرؤيا على المسحور أو غيره أن سحره في مكان ما فلا بأس بأن يستبرئه أو أخبره الشيطان الذي يخدم السحر بمكان وتكرر منه ذلك فلا بأس من استبرائه ما لم يكن في ذلك مفسدة خالصة أو راجحة.
... الثاني: حلة بسحر مثله، وهو أن يذهب المطبوب إلى الساحر أو الكاهن فيتقربان للشيطان بما يحب من الذبح ونحوه ليبطل أثره عن المسحور، وهذه هي النشرة الشركية المحرمة، ويدل عليها حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن النبي ? سئل عن النشرة فقال: (( هي من عمل الشيطان ) )رواه أحمد وأبو داود بسند جيد، وقال أبو داود سئل أحمد عنها فقال: (ابن مسعود يكره هذا كله) أي يكره النشرة التي من عمل الشيطان، ولاشك أنها كراهة تحريم، وقوله: (( هي من عمل الشيطان ) )أي لأنهم ينشرون عن المسحور بأنواع من السحر والاستخدامات الشيطانية، فلازم هذه الطريقة الوقوع في عدة محاذير:
... منها: التقرب للشيطان بما يحب من الشرك، وهذا في حد ذاته مفسدة خالصة.