.. الثاني: الشهادة، أي أن يشهد رجلان عدلان قد توفرت فيهما شروط الشهادة أن فلانًا ساحر، وهذا قول الجمهور خلافًا لمذهب الشافعية، ولكن الحق هو قول الجمهور وذلك للأدلة الواردة في إثبات أن الشهادة طريق من طرق إثبات الجناية، فقواعد الشريعة تقتضي العمل بالشهادة في الإثبات فهي طريق صالح للإثبات ولاريب، لكن لابد أن تكون شهادة مفسرة تصنف الحال بدقة ولا تدع مجالاً للريبة والشك وأن تكون ممن تعتد شهادتهم شرعًا، وهذان الطريقان لا إشكال فيهما.
... وبقي طريق ثالث اشتد فيه الخلاف وهو إثباته عن طريق الاشتهار والاستفاضة، أي إذا استفاض بين الناس أن فلانًا ساحر فهل يؤخذ بها أم لا؟ أقول: التحقيق في هذا أنه لا يؤخذ بها فورًا، بل تجعل هذه الاستفاضة كالقرينة التي تضع علامات استفهام على هذا الرجل لينظر في حاله ويراقب عن كثبٍ ويتحقق منها، فإذا ثبت ذلك عليه أخذ وإلا فليس كل ما استفاض بين الناس يكون صحيحًا، والله أعلم.