فهرس الكتاب
الصفحة 199 من 614

.. ومن هنا يتبين لنا أن الشيء يجتمع فيه الأمران، بغض من وجه وحب من وجهٍ آخر، ومن هنا يعرف الجواب على هذا السؤال الذي طال حوله الجدل وهو أن يقال: إن الأشياء التي أراد الله تعالى وقوعها كونًا وهو لا يحبها ولا يرضاها هي من قبيل المراد لغيره، لا من قبيل المراد لذاته حتى يرد الإشكال، فإن الذي يرد هذا الإشكال في ذهنه إنما هو الذي يجعل الأشياء الواقعة كلها من قبيل المراد لذاته وهم الجبرية والقدرية كما ذكرت لك سابقًا أن القاعدة عندهم أن كل شيء يشاؤه فإنه يحبه وهذا مخالف للنقل والعقل والحس والفطرة، وأما على قول أهل السنة فإن لا إشكال أبدًا، فكل شيء وقع في الكون فإنه لم يقع إلا بإرادته جل وعلا إذ لا يكون في كونه إلا ما يريد، وهذه الإرادة لا تخلو إما أن تكون لذاتها وإما لغيرها، فالأشياء التي وقعت وهو لا يحبها هي من قبيل الإرادة الكونية أي من قبيل ما يراد لغيره لا ما يراد لذاته فإذا فمت ذلك وفرقت بين المرادين فقد أوتيت خيرًا كثيرًا وكفيت شرًا كثيرًا، وهو من هداية الله لك صراطه المستقيم فاحمد الله على ذلك وأكثر من شكره ليزيدك توفيقًا وهداية، قال تعالى: ? والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ?، وقال تعالى: ? وإذ تأذن ربكم لئن شكرتكم لأزيدنكم ?، والله أعلم.

... س 176: هل ضربت لنا أمثلة على ذلك الأمر ليزداد الأمر وضوحًا ورسوخًا في القلوب؟

... ج 176: أقول: نعم وبكل سرور وتشرف فإنما أنا خويدم لك في إيصال ما أقدر على إيصاله لك من علم الشريعة وليس لي في ذلك فضل ولا منة وإنما الفضل كله والخير كله والمنة كلها لله جل وعلا، فهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل، فأقول وبالله التوفيق:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام