.. إن كان يريد بالآيات أي الآيات الكونية كالشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والليل والنهار، فهذه الأشياء مخلوقة، وقد تقرر لنا أنه لا يجوز الحلف بشيء من المخلوقات، وأما قوله تعالى: ? والشمس وضحاها. والقمر إذا تلاها ?، وقوله: ? والفجر. وليال عشر ?، وقوله: ? والضحى ?، ونحو ذلك مما ورد في القرآن فإن هذا القسم صادر من الله تعالى ولله أن يحلف بما شاء من مخلوقاته، وأما المخلوق فإنه لا يجوز له أن يحلف إلا بالله أو صفةٍ من صفاته، وربنا جل وعلا لا يدخل تحت الأحكام الشرعية حتى نقول: هذا واجب عليه أو هذا محرم عليه - تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا -.
... وأما إذا كان يقصد بالآيات أي الآيات الشرعية أي القرآن فإنه آيات، كما قال تعالى: ? بل هو آيات في صدور الذين أوتوا العلم ?، وقال تعالى: ? كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ?، فحلفه بها حينئذٍ جائز باعتبار أن هذه الآيات من كلام الله تعالى وكلامه تعالى صفة من صفاته، وقد تقرر أنه يجوز الحلف بالصفة، وبهذا التفصيل يفهم الجواب - إن شاء الله تعالى -، والله أعلم.
... ج 53: إن كان يقصد بها عقد اليمين فهذا لا يجوز؛ لأن الذمة مخلوقة، وقد تقرر لنا أنه لا يجوز الحلف بالمخلوق، وإن كان لا يقصد بها عقد اليمين وإنما يقصد أنه يتحمل حقيقة الخبر إن كان كذبًا فهذا لا بأس به، ولكن الغالب يشكل عليهم هذا اللفظ ولا يفهمون منه إلا أنه حلف فالواجب الكف عن التلفظ به والعدول عنه إلى الأيمان التي لا إشكال فيها؛ لأن ذلك من حماية جناب التوحيد، والله أعلم.
... س 54: ما حكم الإكثار من الحلف؟ ولماذا؟ مع بيان الدليل.