.. وبالجملة فإن أفعال الله تعالى خير كلها ومصلحة كلها، وحكمة كلها لا شر فيها بوجه من الوجوه، وهو سبحانه منزه عن نسبة الشر إليه مطلقًا لا إلى ذاته ولا إلى أسمائه وصفاته ولا إلى أفعاله، فالشر لا يضاف إلى الرب جل وعلا، لا وصفًا ولا فعلاً، سبحانه وتعالى وتقدس، والله أعلم وأعلى.
... ج 175: هذا سؤال مشهور تردده ألسنة الذين لا يعقلون عن الله حكمة ومصلحة ويجعلونه وسيلة للقدح في أفعال الله تعالى وسلب الحكم والمصالح عنها، وهو مزلق خطير إذا لم يؤخذ جوابه من أهل السنة، فلكم حصل في جوابه من التخبط لما أخذ عن غيرهم وضل به أقوام كثر، فنسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يهدي ضال المسلمين ويثبت مطيعهم ويأخذ بنواصينا للبر والتقوى، فأقول في جوابه وبالله التوفيق:
... إنه لابد أولاً أن نفرق بين المرادات، فإن المرادات قسمان: مرادات لذاتها، ومرادات لغيرها.
... فالمراد لذاته مطلوب محبوب لذاته، وأما المراد لغيره فإنه قد لا يكون محبوبًا ومطلوبًا لذاته، بل لما يترتب على وجوده من الحكم والمصالح.
... فالمراد لغيره بالنظر إلى ذاته لا يكون محبوبًا ولا مطلوبًا، وبالنظر إلى ما يترتب عليه يكون مرادًا، فهو مراد لشيء آخر لا أنه مراد لنفسه، وأضرب لك مثالين على المراد لغيره ليتضح لك الأمر: