فهرس الكتاب
الصفحة 335 من 614

فأما الوعيدية فقد سلبوه مطلق الإيمان فقالوا: إنه في الآخرة إلى النار خالداً مخلداً فيها لا يخرج منها أبد الآباد.

وأما المرجئة فقد قالوا إن مرتكب الكبيرة له الإيمان المطلق فقالوا: هو في الآخرة إلى الجنة مباشرة ولا اعتبار بما فعله من الكبائر لأنها لم تنقص إيمانه.

وأما أهل السنة فقالوا:لا نقول إلى الجنة مباشرة ولا إلى النار مباشرة بل هو تحت المشيئة، فتوسطوا بين المذهبين الضالين، وهذا من توفيق الله تعالى لأهل السنة والله أعلى وأعلم.

ج/ أما سبب ضلالهم فلأنهم زعموا أن الإيمان جزء واحد لا يزيد ولا ينقص، بل هو ثابت في حق كل أحدٍ ما لم يأت العبد بما يناقضه، وهذا المناقض هو الكفر والشرك عند المرجئة لا غير، فالذي يؤثر في الإيمان عند المرجئة هو الشرك فقط لا فعل الكبيرة، تغليباً منهم للرجاء التي دلت عليها أدلة الوعد، وأما الوعيدية فالناقض عندهم هو كل كبيرة، فكل كبيرة تعد ناقضة للإيمان من أساسه وكذلك تغليباً منهم للخوف والتهديد التي دلت عليه أدلة الإيمان أي لا يذهبه بالكلية إلا الكفر والشرك، وأما فعل الكبيرة فإنها مضادة لكماله الواجب أي أن الكبيرة تنقصه عن كماله الواجب، فلا يجتمع الكمال الواجب مع فعل الكبيرة أبداً، لكنها - أي فعل الكبيرة لا تناقض أساسه ويكون أهل السنة بذلك قد أخذوا بأدلة الوعيد والوعد فأعملوا جميع الأدلة الشرعية وهذا هو منهج الوسطية.فالمرجئة عبدوا الله بالرجاء فقط، والوعيدية عبدوا الله بالخوف فقط وأما أهل السنة فعبدوا الله بالخوف والرجاء فأنتج ذلك لهم الخشية، فالخشية مزيج من الخوف والرجاء، جعلنا الله وإياك من أهل السنة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام