.. الثالث: أنه باعتقاده مماثلة الله لخلقه يكون بذلك قد عطل الله عن كماله الواجب له جل وعلا؛ لأن تمثيل الكامل بالنقاض ينقص الكامل، والواجب أن يوصف الله تعالى بالكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله، وإذا اعتقد أن صفاته جل وعلا كصفات خلقه فيكون بذلك قد عطل عن هذا الكمال الواجب.
... فهذا وجه العلاقة بين الممثل والمعطل، والله يحفظنا وإياك من الأهواء المضلة والمذاهب المخالفة للكتاب والسنة، والله أعلم.
... ج 192: أقول: جواب هذا السؤال هو أن تحفظ هذه القاعدة العظيمة المهمة والتي تقول: أهل السنة والجماعة يثبتون لله الصفات على وجه التفصيل وينفون عنه صفات النقص على وجه الإجمال، وهذه القاعدة أغلبية أكثرية لا كلية، فإذا جاء أهل السنة - رحمهم الله تعالى - يثبتون لله صفات الكمال فإنهم يسلكون فيها مسلك التفصيل وإذا جاءوا ينفون عنه صفات النقص فإنهم يسلكون فيها مسلك الإجمال، وهذه الطريقة هي الأسلم والأعلم والأحكم، وذلك لأنها هي طريقة القرآن والسنة فإن القرآن فصل في الإثبات وأجمل في النفي والأمثلة على ذلك كثيرة، كقوله تعالى: ? هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ... ? الآية، وقد ختم كثير من الآيات باسمين أو أكثر من أسمائه جل وعلا، وأما في النفي فإن القرآن يجمل كقوله تعالى: ? ليس كمثله شيء ?، وقوله: ? ولم يكن له كفوًا أحد ?، وقوله: ? هل تعلم له سميًا ?، وقوله: ? فلا تضربوا لله الأمثال ?، وغير ذلك، ومنهج السلف في ذلك يمثل صورة من صور موافقتهم للكتاب والسنة.