فهرس الكتاب
الصفحة 194 من 614

.. الفرق الثاني: الإرادة الكونية لابد أن تقع، أي أن كل شيء أراده الله كونًا فإنه لابد أن يقع لا يدفعه شيء أبدًا فالإرادة الكونية لازمة الوقوع، وأما الإرادة الشرعية فإنها قد تقع وقد لا تقع، أي قد يريد الله أشياء شرعًا لكنها لا تقع كونًا، فالله يريد شرعًا من الناس الإسلام والهداية، لكن هذا لم يقع لأن أكثر الناس في كفرٍ وضلال.

... الفرق الثالث: أن الإرادة الكونية مرادة لغيرها لا لذاتها، وأما الإرادة الشرعية فإنها مرادة لذاتها، فالكفر الواقع مراد لغيره لا لذاته، والمعاصي الواقعة مرادة لغيرها لا لذاتها، وأما الإيمان فإنه مراد لذاته وكذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج وسائر الطاعات، فإنها مرادة لذاتها.

... فمن فهم هذه الفروق فإنه قد هدي في هذا الباب فيما قد ضل به كثير من الناس، والله أعلم.

... س 173: متى تجتمع الإرادتان ومتى تنفرد إحداهما عن الأخرى؟ مع بيان ذلك بالأمثلة.

... ج 173: تجتمع الإرادتان في إيمان أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وهكذا أي في إيمان من قد آمن من الثقلين، فهو كوني لأنه وقع في الكون، وشرعي لأن الله يحبه ويرضاه، وإذا صليت فإن صلاتك هذه قد اجتمعت فيها الإرادتان فيه إرادة كونية لأنها وقعت في الكون وشرعية لأن الله يحبها ويرضاها، وبالجملة فكل شيء وقع في الكون وهو مما يحبه الله ويرضاه فإنه مما اجتمع فيه الإرادتان.

... وتنفرد الإرادة الكونية في الأشياء التي وقعت في الكون وهي ما لا يحبه الله ويرضاه، ككفر أبي جهل وأبي لهب، بل وكفر من كفر من الثقلين ويدخل في ذلك سائر الذنوب والمعاصي التي وقعت في الكون، فإنها من قبيل الإرادة الكونية فقط؛ لأنها مما لا يحبه الله ويرضاه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام