.. ج 177: الواجب على العبد تجاه ذلك أن يعتقد الاعتقاد الجازم أن الله جل وعلا في جميع أفعاله حكمًا جليلة وغايات ومصالح عظيمة سواءً علمناها أو لم نعلمها، فيجب على العبد أن يعلم ويعتقد أن أفعال الله جل وعلا وأوامره لا تخلو من الحكم الباهرة العظيمة التي تحير العقول وأنه متنزه عن فعل ما لا حكمة فيه ولا مصلحة، فإن هذا عبث وقد نزه نفسه الكريمة عنه كما في قوله: ? أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ? فأفعاله كلها حكم ومصالح، وإذا لم تدخل في حدود معلومنا فذلك لا يدل على انتفائها في نفس الأمر؛ لأن عدم العلم ليس علمًا بالعدم وعقولنا أحقر من تحيط بذلك على وجه التفصيل، وهذا الإيمان الجملي فرض عين على كل أحدٍ، بل هو من مقتضيات وصف الله جل وعلا بالكمال المطلق، فإن القدح في ذلك قدح في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وهو منافٍ لكمال التوحيد الواجب، بل قد بكون في بعض صوره منافٍ لأصل التوحيد والعياذ بالله، فعلى العبد أن يؤمن بلا ريب أن الله تعالى هو الكامل الكمال المطلق في علمه وحكمته وسائر أفعاله جل وعلا، ومقتضى هذا الإيمان أن يؤمن بأن أفعاله جل وعلا كلها بلا استثناء لها الحكم العظيمة والغايات والمصالح المحمودة، والله أعلى وأعلم.
... ج 178: أقول: هذه الآية واضحة الدلالة ليس فيها شيء يوجب الإشكال، وبيان ذلك أن يقال: اعلم - رحمك الله تعالى - أن القدر نوعان: