ج/التأويل ثلاثة أقسام:
الأول: حقيقة الشيء التي يؤول إليها، وهذا هو استعمال القرآن لهذه اللفظة وما تصرف منها، أي حقيقة الشيء التي هو عليها في الواقع، فتأويل الأمر امتثاله وفعله، كما قالت عائشة رضي الله عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن) متفق عليه، أي يوقع حقيقة ما أمر به في القرآن، وتأويل النهي اجتنابه فتأويل قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32) هو اجتناب الزنى وتأويل قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) (الأنعام: من الآية 151) هو ترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن وهكذا، وتأويل الرؤيا وقوعها أي وقوع حقيقتها في الخارج ومنه قوله تعالى عن يوسف عليه الصلاة والسلام (يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً) (يوسف: من الآية 100) أي أن سجود أبويه وإخوته له هو حقيقة الرؤيا التي رآها من قبل، وتأويل الخبر وقوع حقيقته كما قال تعالى مهدداً الذين ينكرون اليوم الآخر (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) (لأعراف: من الآية 53) أي هل ينتظرون إلا وقوع حقيقته على ما أخبرت به الكتب وجاءت به الرسل يوم تأتي حقيقته حينئذ يندمون ولا ت ساعة مندم، فتأويل اليوم الآخر هو وقوعه وتأويل الصفات هي حقيقتها التي هي عليها في الواقع ومن ذلك أيضاً قول الخضر لموسى عليهما الصلاة والسلام (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف: من الآية 78) أي سأخبرك بحقيقة ما رأيت من الأمور التي جعلتك تستنكر وتبادر بالإنكار، ثم قال بعد ذلك أي بعد أن بين له حقيقتها (ذَلِكَ