ج/ أقول: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقله الله إليه في جنته ودار كرامته، اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعده بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم وأرادوا عقد الإمامة لسعد بن عبادة، وبلغ ذلك أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقصدا نحو مجتمع الأنصار في رجال من المهاجرين ولما انتهوا إليهم حصل بينهم حوار في أمر الخلافة حيث اضطرب أمر الأنصار فجعلوا يطلبون الأمر لأنفسهم أو الشركة فيه مع المهاجرين، فأعلمهم أبو بكر رضي الله عنه إن الإمامة لا تكون إلا في قريش وأحتج عليهم بقوله صلى الله عليه وسلم (الأئمة من قريش) فأذعنوا لذلك رضي الله عنهم وأرضاهم وانقادوا طائعين وبايعوا أبا بكر رضي الله عنه واجتمعوا على إمامته واتفقوا على خلافته وانقادوا لطاعته وأنقطع الحوار في هذه المسألة باجتماعهم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وقد روى هذه القصة الإمام البخاري في صحيحه وإنما ذكرت لك معناها، وقد أذعن سعد بن عبادة رضي الله عنه بذلك وأعترف بصحة ما قال الصديق رضي الله عنه يوم السقيفة من أن قريشا هم ولاة هذا الأمر، فقال: صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء كما في مسند الإمام أحمد، وقد حسن إسناده شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى. فهذا هو الحق في هذه المسألة ودع عنك ما يقوله أهل الإفك قطع الله ألسنتهم أخرس أفواههم، فإنهم ما قدروا الصحابة حق قدرهم، عاملهم الله بعدله لا بعفوه وأرانا الله فيهم عجائب قدرته والله أعلم.