... ج 135: أقول: مذهب أهل السنة والجماعة أن المعاد إنما يكون لهذه الأجساد التي معنا في الدنيا، فالمعاد حقيقته أنه إعادة للأجساد التي تحللت وأكلها الدود والأرض، وهذا هو الذي يفيده قوله تعالى في آيات كثيرة: ? ثم يعيده ?، وهو حقيقة القدرة الكاملة من كل وجه، والمشركون لم يكونوا ينكرون إلا هذا ولو كان المعاد إنشاءً جديدًا لما أوجب لهم ذلك الإنكار لإيمانهم أن الله هو الخالق القادر، لكن عقولهم لم تقبل المعاد بمعنى إعادة الأجساد التي بليت والعظام التي تفتتت وتفرقت في أجزاء الأرض، فالحق أن المعاد إعادة لا إنشاء لخلق جديد، والله أعلم.
... س 136: ما قولك فيمن يدعي علم قيام الساعة ويستدل على ذلك بأرقامٍ وعدد حروف بعض الآيات ونحو ذلك؟
... ج 136: قولي في هذا المدعى أنه أحمق فاجر شقي مخرف متكلف ما لا علم له به، داسٌ أنفه فيما هو من خصائص علم الله تعالى، قائل على الله بلا رهان، متكهن متنطع متفيهق يلوك لسانه كالبقرة، مناقض لقوله تعالى: ? إن الله عنده علم الساعة ?، ولقوله تعالى: ? يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون ?، ولقوله تعالى: ? يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبًا ?. ولما سئل أحبُ الملائكة إلى الله تعالى أحبَ البشر فقال: متى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل.
... وكل ما يأتي به هؤلاء من الاستدلالات والبراهين على وقت قيامها فهو دجل وتخرص وظن؛ لأن علم قيامها مما اختص الله تعالى به لا يعلمه أحد، ولو اشتغل هؤلاء بالاستعداد لها لكان خيرًا لهم، والله أعلم.