.. فانظر إلى الحق الذي مع كلا الطائفتين فإنه خلاصة منهج السلف في هذا الباب، فالحق الذي مع الممثلة هو إثبات الأسماء والصفات، والحق الذي مع المعطلة هو تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات، وهذا هو مذهبنا إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل.
... فقولهم: إثبات بلا تمثيل رد على الممثلة لأن إثباتهم بتمثيل، وقولهم: تنزيه بلا تعطيل رد على المعطلة لأن تنزيههم بتعطيل، وهذا هو معنى قوله تعالى: ? ليس كمثله شيء ?، رد على أهل التمثيل، وقوله: ? وهو السميع البصير ? رد على أهل التعطيل، فالممثلة أخذوا بالأدلة المثبتة للأسماء والصفات وتركوا الأدلة التي تنفي مماثلة الله تعالى للمخلوقات، والمعطلة عكسوا الأمر فأخذوا بالأدلة التي تنفي مماثلة الله تعالى للمخلوقات وتركوا الأدلة التي فيها إثبات الأسماء والصفات، فكلا الفريقين قد أخذ بطرفٍ من الأدلة وترك الآخر، وأما أهل السنة - رفع الله نزلهم في الفردوس الأعلى - فإنهم أخذوا بكل الأدلة، وهذا هو حقيقة الوسطية، والله أعلى وأعلم.
... ج 188: أقول: هذا سؤال جيد، وبيانه أن يقال:
... اعلم - رحمك الله تعالى - أن الممثل والمعطل كانوا في بداية الأمر أخوين متحابين متآلفين متوافقين كل الموافقة، هذان الأخوان قد أصلوا أصلاً وقعدوا قاعدة ورثوها من آبائهم فلاسفة اليونان، وفلاسفة اليونان قد أخذوها هدية من أبيهم إبليس - لعنه الله تعالى -، ونص هذه القاعدة يقول: (الاتفاق في الأسماء يلزم منه الاتفاق في الصفات) ، أي أن كل شيئين اتفقا في اسمهما فلابد لزامًا أن يتفقا في صفاتهما، إلى هنا وهما - أي المعطل والممثل أخوان -.