.. وأقول أيضًا: إن المشي على الصراط الحسي يوم القيامة إنما هو نتيجة للمشي على الصراط المعنوي في الدنيا، ونعني بالصراط الحسي أي الجسر المنصوب على متن جهنم، ونعني بالصراط المعنوي أي متابعة النبي ?، فكلما كان الإنسان أتبع وأسرع متابعة له في الدنيا كلما كان أسرع على ذلكم الصراط الحسي، فمن ثبتت قدمه هنا ثبتت قدمه هناك، ومن زلت به القدم هنا زلت به القدم هناك، ومن أبطأ هنا أبطأ هناك، ومن أسرع هنا أسرع هناك، فما أيسر هذا الأمر تنظيرًا وشرحًا، ولكن ما أعسره تطبيقًا وامتثالاً إلا أنه يسير على من يسره الله عليه، والله أعلم.
... ج 153: لقد ورد في الأدلة بعض صفاته وهي كما يلي:
... فمنها: أنه مظلم حالك الظلمة والمار عليه يحتاج إلى نور ليرى طريقه، قال تعالى: ? يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم. يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا ... ? الآية.
... وفي صحيح مسلم عن أبي الزبير عن جابر في الحديث الطويل وفيه: (( ويعطى كل إنسان منافق أو مؤمن نورًا ثم يتبعونه وعلى جسر جنهم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله تعالى ثم يطفأ نور المنافين ثم ينجو المؤمنون ... ) )الحديث.
... وروى الحاكم وصححه وابن جرير عن ابن مسعود ? في قوله تعالى: ? يسعى نورهم بين أيديهم ?، قال: (( على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم، وأدناهم نورًا من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ مرة ) )، وما احتاجوا إلى هذا النور للمرور عليه إلا لأنه مظلم.