.. والأصل الرابع عندهم: المنزلة بين المنزلتين، وهي من أوائل أصولهم، وهي التي بسببها سموا معتزلة كما ذكرت آنفًا، ويعنون به أن مرتكب الكبيرة خرج من مسمى الإيمان، ولكنه لم يدخل في مسمى الكفر، بل أصبح بفعل الكبيرة في منزلة بين الإيمان والكفر، فلا هو مؤمن ولا هو كافر، بل هو بين المنزلتين، وهذا كلام ساقط؛ وذلك لأن تقابل الإيمان والكفر الأكبر تقابل نقيض، فلا يجتمعان ولا يرتفعان، فلما سلبوا مطلق الإيمان عنه لزمهم وصفه بالكفر، لكن لأنهم خناثر للخوارج هابوا من وصفه بالكفر الصريح فتستروا وراء هذه اللفظة، والدليل على ذلك حكمهم عليه في الآخرة، فإنهم يخلدونه في النار الخلود الأبدي، وهل يخلد في النار أبدًا إلا الكفار الكفر الأكبر؟
... والأصل الخامس والأخير عندهم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقصدون به استعمال السيف والخروج على الأئمة بسبب ضلالهم وطغيانهم، فهم يجيزون الخروج على السلطان إذا فعل الكبيرة ووصف بالفسق، وأما أهل السنة فقد تقدم لك كيفية تعاملهم مع الحكام في سؤال مستقل.
... فهذه هي أصولهم، فهي وإن كانت بعض أسمائها براقة إلا أن معانيها خاطئة زائغة عن الحق، لكنهم يعبرون عنها بهذه الأسماء لتقبلها النفوس وتروج عند الأتباع، فهذا جواب هذا السؤال باختصار شديد، والله أعلم.
... ج 359: الجهمية هم أتباع الجهم بن صفوان الترمذي، الذي أخذ مقالة التعطيل عن الجعد بن درهم، وهو الذي أذاعها ونشرها، فنسبت الفرقة إليه، وقتل الجهم في خراسان سنة 128 هـ، وهم من أخبث الطوائف وأضلها وأبعدها عن الحق.
... ومذهبهم في الصفات والأسماء إنكارها وتعطيلها، فهم في باب الأسماء والصفات معطلة، بل هم رؤوس المعطلة.