فهرس الكتاب
الصفحة 549 من 614

.. والأصل الثالث عندهم الوعد والوعيد، ويعنون به أنه يجب على الله تعالى إنفاذ وعده ووعيده، فلا يجوز على الله تعالى أن يخلف شيئًا مما وعد به ولا مما أوعد به، وأصلهم هذا مخالف لما قرره أهل السنة في باب الوعد والوعيد، فإن أهل السنة قالوا في الوعد: إن العبد لا يستحق بنفسه شيئًا على الله تعالى، واتفق أهل السنة - رحمهم الله تعالى - على أن الله تعالى لا يخلف وعده أبدًا، لكن لا لأن العبد يستحق ذلك بنفسه، وإنما لأن الله تعالى أوجب ذلك الوعد على نفسه لعبده تفضلاً منه وإحسانًا للعبد، والله تعالى لا يخلف الميعاد، فالله تعالى إذا وعد عباده بشيء كان وقوعه واجبًا بحكم الوعد لا بحكم الاستحقاق كما يقوله المعتزلة، وبذلك تعرف الفرق بين المذهبين.

... وخلاصته أن نقول: إن المعتزلة قالوا: إنفاذ الوعد واجب، وقال أهل السنة: إنفاذ الوعد واجب، لكن قال المعتزلة: واجب بحكم استحقاق العبد له، وقال أهل السنة: واجب بحكم الوعد تفضلاً وإحسانًا ومنَّة.

... وأما الوعيد فالمذهب فيه عند أهل السنة: أن الله تعالى قد يخلفه إحسانًا منه وتفضلاً ورحمة وجودًا وكرمًا على من استحق شيئًا من وعيده، فيجوز أن يعفو الله تعالى عن المذنب ويخرج أهل الكبائر من النار فلا يبقى فيها أحد من أهل التوحيد، والله أعلم.

... والمقصود: أن المعتزلة يقصدون بهذا الأصل تخليد أصحاب الكبائر في النار، وهم في هذا الاعتقاد خوارج مارقة وعيدية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام