.. ج 25: الواجب علينا تجاههم بذل النصيحة لهم وتحذيرهم من هذا المنكر العظيم وتخويفهم من مغبة ذلك في الدنيا والآخرة، ومن علم منهم ولم يرتدع بالنصح فالواجب الأخذ على يديه؛ لأنه من أنصار الشيطان الرجيم ورفع أمره إلى ولاة الأمر ليقيموا عليه حكم الله فيه، مع الحرص على إثبات ذلك عليه بالدلائل القطعية، ولكن ننبه على أمرٍ مهم وهو أنه ينبغي لإخواننا القراء ألا يصدقوا أخبار الشياطين على أحدٍ بأنه ساحر أو أنه المتسبب في السحر؛ لأن أخبارهم كذب ومن مقاصدهم بث البغضاء والتقاطع والتدابر وإفساد ذات البين، فالمرجو من القراء ألا يفتحوا مجالاً لهم باتهام أحدٍ وأن يبادروا بتكذيب الشياطين الذي يتكلم على لسان الإنسي، فكم من الأواصر التي بترت ومن القرابات التي تفرقت بسبب هذه الأخبار التي يقولها هؤلاء الدجالون الأفاكون، والله أعلم.
... ج 27: أقول: مذهب أهل السنة والجماعة أن السحر له حقيقة، فمنه ما يفرق بين المرء وزوجه وهو أكثرها وقوعًا، ومنه ما يسبب المرض، ومنه ما يصيب العقل بالجنون، ومنه ما يقتل، ودليل قوله تعالى: ? قل أعوذ برب الفلق. من شر ما خلق. ومن شر غاسق إذا وقب. ومن شر النفاثات في العقد ? فقد أمر النبي ? بأن يستعيذ من شر النفاثات في العقد وهن السواحر اللاتي ينفثن في العقد، وكيف يستعيذ مما لا حقيقة له، فلما أمر بالاستعاذة منه دل على أن له حقيقة يستعاذ من شرها، وقال تعالى: ? وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ? فأثبتت هذه الآية أنه ما يتعلم ويعلم وهذا يدل على أن له حقيقة، وقال تعالى: ? فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ? وهذا التفريق حقيقة فهو أثر حسي مشاهد وهو بسبب السحر، فدل على أن له حقيقة، فهذا التفريق الحاصل بين الزوجين بسبب السحر إنما هو عمل الشياطين التي تطيع السحرة.