ج/ المراد بذلك أن من الأمة من يموت مصراً على بعض الكبائر، وقد ذكرنا أنه عند أهل السنة تحت المشيئة. فإذا شاء الله عذابه فإنه لا يخلو من أحوال إما أن يأذن بالشفاعة فيه فلا يدخل النار أصلاً بل يغفر له ويدخل الجنة ابتداءً، وإما أن يدخل النار ثم يؤذن بالشفاعة فيه بعد دخولها فيخرج منها إلى الجنة انتقالاً، وذلك يعود إلى مشيئة الله جل وعلا وهذه الشفاعة قد تواترت على إثباتها الأدلة ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم (لكل نبي دعوة دعاها لأمته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة) وفي الصحيح أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) وعن أنس مرفوعاً (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) وفي الصحيح أيضاً عن حماد بن زيد قال قلت لعمرو بن دينار: أسمعت جابر بن عبدالله يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يخرج قوماً من النار بالشفاعة؟ قال: نعم، وفي الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً (فيقول الله عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين فيقبض قبضةً من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا فحماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل وفي الصحيح من حديث أبي سعيد السابق والطويل وفيه (حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما من أحد منكم بأشد مناشدة لله تعالى في استيفاء الحق من المؤمنين يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرَّمُ صورهم على النار فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه،