.. إن كان قد صرفه لغير الله في أمرٍ لا يقدر عليه إلا الله تعالى فهذا شرك أكبر مخرج من الملة بالكلية - أعاذنا الله وإياك منه -، وذلك كمن يدعو القبور والأموات والشياطين أو الأنبياء أو الملائكة في أمرٍ لا يقدر عليه إلا الله تعالى وهو المراد بقولنا سابقًا في النواقض: اتخاذ الوسائط بينه وبين الله تعالى، فيدعوهم في كشف الملمات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات أو برزق الولد أو إنزال المطر أو مغفرة الذنوب أو أن يكونوا له شفعاء عند الله تعالى، وهذا هو أكثر الشرك الذي وقع في ابن آدم، قال تعالى: ? وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ?، وقال تعالى: ? وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا ?، وقال تعالى: ? إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ?، وقال تعالى: ? إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ? فسمى الله دعاءهم من دونه شركًا، وقال تعالى: ? ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ? فسمى الله تعالى دعاءهم لهم عبادة وقد تقرر أن العبادة حق صرف لله تعالى لا يصرف لملك مقرب ولا لنبي مرسل فضلاً عن غيرهم، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
... وأما إذا صرف دعاء المسألة لغير الله في أمر يقدر عليه البشر، أو نقول: يقدر عليه المدعو فإنه لا يكون ذلك الصرف شركًا، بل يكون سؤالاً، وهذا لا بأس به، إذ ليس هو من العبادة حينئذٍ في شيء، والله أعلم.
... ج 22: هذا سؤال مهم جدًا وبه نتعرف على السبب الذي حصل به ذلك الأمر الخطير لنحذره ونجانبه.