.. إما أن تكون هذه الحقيقة العلمية المدعاة ليست بشيء أصلاً، أي أنها لم تبن على علم وبصيرة وهدى، أو أن تكون متلقاة ممن لا يؤتمنون على حمل قتٍ، فيظهرونها في صورة الحقائق العلمية وهي إلى الخرافات والدجل أقرب ويعارضون بها نصوص الوحيين، وإما أن يكون صريح النص لم يدل على خلافها أصلاً لكنه لم يفهم على وجهه الصحيح، كما في هذا السؤال، فإن بعض الناس لا يفهم من قوله تعالى: ? ويعلم ما في الأرحام ?، وقوله ?: (( ولا يعلم ما في الأرحام إلا الله ) )لا يفهم منه إلا العلم بالذكورة والأنوثة فقط، وهذا فهم قاصر؛ لأن المراد بهذا العلم العلم الشامل لكل أحوال هذه النطفة من ذكورة وأنوثة، وانفرادٍ وتعدد، وشقاوة وسعادة، وأجل وعمل، وما تكون عليه من الصفات الخَلقية والخُلقية في المستقبل، ويعلم رزقها، وهل يولد حيًا أو ميتًا، فلا يحصر العلم فقط في الذكورة والأنوثة.
... ويقال أيضًا: إن الأطباء لا يعلمون ذلك غيبًا، بل بالأجهزة المعلومة المعروفة التي تبدي ما كان مستترًا حتى يكون علانية فيرون صورة الجنين الذي تخلق، أي أن علمهم هذا ليس من علم الغيب، بل من علم الشهادة؛ لأن مبناه على الوسائل الحسية التي هداهم الله لها.
... ويقال أيضًا: إن هذه النطفة قبل تخلقها هل يعرف الأطباء ما ستكون عليه؟ بالطبع لا، فوالله الذي لا إله إلا هو لو يجتمع أطباء الدنيا على نطفة في الرحم لم تتخلق لما عرفوا هل هي ذكر أو أنثى، وصدق الله تعالى إذ قال: ? وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ?، والله أعلم.
... ج 181: ثمراته كثيرة، وأذكر منها ما يلي:
... الأولى: حصول الهداية وزيادة الإيمان.
... الثانية: خفة حدة المصائب النازلة والأقدار المؤلمة.
... الثالثة: راحة النفس وطمأنينتها لأنها تعلم أن كلاً بقضاء وقدر وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها وما أخطأها لم يكن ليصيبها.