ج/ العلة في ذلك أنهم مثلوا استواء الله على عرشه باستواء المخلوق على كرسيه أو على ظهر الفلك والدابة فاستوجب لهم ذلك لوازم باطلة فأرادوا أن يفروا منها، فلزم عليهم أن الله محتاج إلى العرش وأنه يكون محيطاً به وأنه لو أبعد العرش لخر الرب كذا قالوا بكل وقاحة وقلة أدب، فلم يجدوا إلا أن يحرفوا هذه الصفة بالاستيلاء، فقالوا: معنى استوى استولى، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه ويلزم منه أن العرش كان مملوكاً لغيره جل وعلا ثم استولى عليه، وهو مخالف لدلالة اللغة ومخالف لمنهج السلف والأدهى والأمر أنهم يحرفون نصوص الاستواء ويخرجونها عن دلالتها لبيت من الشعر لا يعرف قائله كل ذلك سببه لأنهم مثلوا استواء الله على عرشه باستواء المخلوق على ظهور الفلك والرواحل ولو أنهم قالوا بما قال به أهل السنة لما لزم عليهم هذه اللوازم الباطلة التي بنيت على باطل، فالقوم يتقلبون من باطلٍ إلى باطل نعوذ بالله من حال أهل الأهواء والبدع والله أعلم.
ج/ يعتقد أهل السنة اعتقادا جازماً لا ريب فيه أن الله تعالى في العلو المطلق بذاته جل وعلا وأنه من صفاته الذاتية التي لا تنفك عنه أزلاً وأبداً، وهذه الصفة من الصفات التي أشتد فيها خلاف أهل القبلة من أمة الإجابة أفردها بعض أهل السنة بمؤلفات خاصة ككتاب العلو للعلي الغفار للإمام الذهبي، واجتماع الجيوش الإسلامية للإمام ابن القيم وغيرها من الكتب فالله تعالى له العلو المطلق في ذاته وصفاته، ونعني بعلو الصفات أن كل صفة أثبتها النص له جل وعلا فله كمالها المطلق جل وعلا، فالعلو بكل اعتباراته ثابت لله تعالى وهو من صفاته الذاتية وهذا ما نعتقده بقلوبنا وننطقه بألسنتنا والله أعلم.