.. ج 162: مذهب أهل السنة في ذلك هو أنها داخلة في عموم قوله تعالى: ? الله خالق كل شيء ?، وأفعال العباد من جملة الأشياء، فهي داخلة في هذا العموم، ومن أخرجها منه فعليه الدليل؛ لأن الأصل هو البقاء على العموم حتى يرد الناقل، فأفعال العباد كلها من الطاعات والمعاصي داخلة في خلق الله تعالى وقضائه وقدره، فقد علم الله تعالى ما سيخلقه في عباده وعلم ما هو فاعلون وكتب ذلك في اللوح المحفوظ وخلقهم الله كما شاء، ومضى فيهم قدره، فهم يعملون على وفق ما سبق به العلم والقدر والكتابة، فأفعال العباد خلقًا وإيجادًا وتقديرًا من الله تعالى، وهي من العباد كسبًا وفعلاً، فالله تعالى هو الخالق لأفعالهم وهم الفاعلون لها حقيقة، وعلى ذلك اتفق أهل السنة والجماعة، وكل ما مضى من الأدلة في المرتبة الرابعة - أعني مرتبة الخلق - دليل على هذا الأمر، وخصوصًا قوله تعالى: ? والله خلقكم وما تعملون ? سواءً قلنا إن (ما) بمعنى المصدر أي (والله خلقكم وعملكم) أو كانت بمعنى (الذي) ، فيكون المعنى (والله خلقكم والذي تعملون) ، والله أعلم.
... ج 163: خالف في ذلك القدرية الذين يخرجون أفعال العباد عن أن تكون مخلوقة لله تعالى، ويقولون إن العبد هو الذي يخلق فعله بنفسه، ويجاب عنهم بعدة وجوه:
... الأول: أنه مخالف لما أجمع عليه السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل السنة وما خالف إجماع السلف فهو باطل؛ لأن إجماعهم من سبيلهم وقد قال تعالى: ? ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا ?.