وسميت المرجئة بذلك لأنهم يغلبون جانب أدلة الوعد المفيدة لتغليب الرجاء، وقيل: بل الإرجاء هو التأخير فلأنهم يؤخرون العمل عن الإيمان سموا بالمرجئة، قلت: وكلا الأمرين صحيح فسموا مرجئة لهذا ولهذا. وهم الأشاعرة وبعض الأحناف والماتريدية والجهمية والكلابية، فهولاء في باب أسماء الأحكام والدين يسمون مرجئة، وأما الوعيدية فسموا بذلك لأنهم لا يعلمون إلا بأدلة الوعيد فقط ويتركون أدلة الوعد، وهم الخوارج والمعتزلة، فهؤلاء في باب الكلام على مرتكب الكبيرة نسميهم الوعيدية والله أعلم.
ج/ الضابط في معرفة الكبيرة هي أنها كل ذنب ختم بلعنة أو غضب أو نار أو توعد عليه بعقاب خاص في الآخرة أو نفي عن صاحبه الإيمان أو بأنه ليس منا.
فمثال ما ختم بلعنة حديث علي مرفوعاً (لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من لعن والديه لعن الله من آوى محدثاً لعن الله من غير منار الأرض) رواه مسلم.
ومثال ما ختم بغضب قوله تعالى (ومن قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالاً فيها وغضب عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) وحديث ابن مسعود (من حلف على يمين صبر) .
ومثال ما ختم بنارٍ حديث (فما أسفل الكعبين في النار) .
ومثال ما ثبت فيه الوعيد عليه بخصوصه حديث (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل كان له فضل ماءٍ بالطريق فمنعه من ابن السبيل ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال والله الذي لا إله إلا غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدقه رجل .. ) متفق عليه.
ومثال ما نفي عن صاحبه الإيمان حديث أنس (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) .