فهرس الكتاب
الصفحة 543 من 614

.. وبناءً عليه فمن جاءنا يسألنا عن ذلك فإننا نمنعه من الدخول في هذه الطرق، لهذه العلل التي وإن لم تشاركني في كلها فإني لا أظنك تخالفني إلا في بعضها، والله المستعان.

... فإن قلت: فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تقل بالمنع بادئ الأمر واسترحت وأرحت؟ ولماذا تفصل الجواب في جزئين فتجيزه أولاً وتمنعه ثانيًا؟ فأقول: هذا لأن بعض أهل العلم قال بالجواز، وبعضهم قال بالمنع، فأحببت أن أبين لك مأخذ كل واحد، وأن من قال بالجواز إنما أفتى بالأصل، ومن قال بالمنع فإنما نظر إلى هذه العلل، وإلا فلو عرضت هذه العلل على من أفتى بالأصل لمنع منه، ولو خلا الأمر من هذه العلل لأفتى المانع بالأصل، ومعرفة مآخذ أهل العلم مطلب أساسي من مطالب طالب العلم في مسيرته العلمية. وأقول أيضًا: هذا من باب تغير الأحكام بتغير الأحوال والأزمان، وذكرت لك أنه لو جاءنا أحد يسألنا في هذه الأزمنة لقلنا بالمنع مراعاة لهذه العلل، ولعل من أفتى بالجواز لم يكن في زمنه هذه المفاسد أو كانت ولكنها ليست بالكثيرة كما هي الحال في زمننا، وقد يفتى طائفة بالجواز وتفتى طائفة أخرى بالمنع وهكذا، وهذا التغير في مثل هذه الأحكام ليس بمنكر من القول ولا ببدع من الإفتاء. وأقول أيضًا: إن بيان حكم أصل الشيء ثم بيان انتقال الحكم من كذا إلى كذا بسبب كذا وكذا من تمام شرح المسألة، فإنك لو أجزت الإجازة المطلقة لظن الطالب أن هذا هو حكمه الأصلي، لكن مع التفصيل يزول اللبس ويتحقق كمال الفهم ويعرف الطالب كيف يتعامل مع المتغيرات والظروف، والله ربنا أعلى وأعلم.

... فهذا هو الجواب عن السؤال المهم، وأرجو منك رجاء المحب لحبيبه والأخ لأخيه أن تعيد قراءة السؤال والجواب، ليزداد فيه فهمك ويرسخ في ذهنك، والله يحفظك ويرعاك ويسدد على طريق الهدى والحق خطاك، وهو أعلم وأعلى.

... س 357: ما المراد بقاعدة الوسطية؟ مع بيانها بضرب الأمثلة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام