.. وبناءً عليه: فمن نذر لغير الله تعالى فإنه يكون بذلك قد صرف عبادة لغير الله جل وعلا ومن صرف عبادة لغير الله فإنه مشرك الشرك الأكبر، كالذين ينذرون للقبور والأموات والصالحين وبعض المغارات والكهوف والأشجار والأحجار المعظمة عندهم، فإنهم بذلك قد وقعوا في الشرك، ودليل ذلك ما مضى من إثبات كون النذر عبادة، وكل دليل يدل على أن من صرف العبادة لغير الله فهو مشرك، فإنه دليل على هذه المسألة، والله أعلم.
... ج 37: النذر الذي نقصده في جواب السؤال الماضي هو أن يعقد النذر أصلاً لغير الله تعالى، كأن يقول: نذر علي للسيد البدوي، أو لقبر الحسين، أو للولي الفلاني، أو القبر الفلاني ونحو ذلك، فهو في أصل عقد النذر عقده لغير الله تعالى فهذا هو الشرك الأكبر.
... وأما النذر الذي يكون حرامًا فقط فهو النذر الذي يعقد لله تعالى لكن على شيء محرم كقول القائل: نذر لله على أن لا أصل أرحامي، أو يقول: نذر علي أن أشرب خمرًا ونحو ذلك، فهذا النذر لا يكون شركًا؛ لأنه عقده لله، لكنه يكون حرامًا لا يجوز الوفاء به بحال؛ لأنه على شيء محرم.
... وثمة فرق آخر: وهو أن نذر الشرك لا ينعقد أصلاً، فلا كفارة فيه وإنما فيه التوبة إلى الله تعالى والنطق بالشهادة؛ لأنه به قد جرح توحيده فلابد من النطق بالشهادة ليجدد إيمانه، وأما نذر الشيء المحرم فإنه منعقد لكن لا يجوز الوفاء به، واختلف العلماء هل فيه كفارة أم لا؟ على قولين: والأرجح أن فيه كفارة يمين لحديث: (( لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين ) )والله أعلم.
... س 38: كيف يجتمع في النذر كونه منهيًا عنه وكونه عبادة؟
... ج 38: أقول: هذا سؤال جيد وبيانه أن يقال: إننا ننظر إلى النذر من ثلاث جهات: