فهرس الكتاب
الصفحة 78 من 614

.. أسأله باسمه الأعظم أن يعينني وإياك على تحقيق التوكل عليه جل وعلا، والله أعلم.

... س 77: كيف الجمع بين قوله ?:(( لا عدوى ))وبين قوله:(( فر من المجذوم فرارك من الأسد ))، وقوله في الطاعون:(( إذا سمعتم به في أرضٍ فلا تقدموا عليه ))؟

... ج 77: الجمع بينهما يسير ولله الحمد والمنة وبيانه أن يقال: إن العدوى لنا فيها نظران:

... نظر من ناحية انتقالها ابتداءً أي انتقالها بنفسها وهو الاعتقاد الذي كان عليه أهل الجاهلية، فجاء قوله: (( لا عدوى ) )لنفي هذا الاعتقاد الفاسد، فأثبت أن العدوى لا تصرف لها بذاتها أي لا تنتقل بنفسها.

... ونظر من ناحية سرايتها من المعلول إلى الصحيح بقدر الله تعالى، وهذا هو الذي أثبته حديث: (( فر من المجذوم فرارك من الأسد ) )، وحديث: (( لا يورد مرض على مصح ) )، وحديث: (( إذا سمعتم به في بلدٍ فلا تقدموا ) ).

... فالعدوى ابتداءً منفية، والعدوى انتقالاً بقدر الله تعالى مثبتة، فالعدوى التي نفاها الدليل ليست هي العدوى التي أثبتها الدليل حتى يكون هناك تناقض، ولذلك فإن بعض الصحابة لما سمع ذلك الكلام أعني قوله: (( لا عدوى ) )قال: فإن النقبة تقع بمشفر البعير فتجرب لذلك الإبل. فقال - عليه الصلاة والسلام: (( فمن أعدى الأول ) )، فالصحابي هنا ظن أن العدوى المنفية هي العدوى الانتقالية بقدر الله تعالى، فبين له النبي ? أنه لا يريد ذلك وإنما يريد العدوى ابتداءً.

... وبناءً عليه: فوقوع المرض ابتداءً إنما هو بقدر الله تعالى وسراية العدوى من المعلول إلى الصحيح أيضًا هي بقدر الله تعالى، فالكل حاصل بقضائه وقدره ولا يخرج شيء عن كونه مقدرًا، والعبد مأمور باتقاء أسباب الشر، ومن ذلك اتقاء أسباب العدوى فإذا أصيب بشيء من ذلك فليعلم أنه إنما انتقلت إليه بقدر الله تعالى لا أنها انتقلت بذاتها، وبذلك فلا إشكال ولله الحمد والمنة، والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام