.. ج 344: يجب على المؤمن في أمر هذه الدابة أن يؤمن إيمانًا جازمًا ويصدق تصديقًا يقينيًا بأن الله تعالى في آخر الزمان قرب قيام الساعة إذا وقع القول على الناس سيخرج عليهم من الأرض دابة - الله أعلم بحقيقة أمرها - وأنها تكلم الناس كلامًا يفهمونه، وتسم المؤمن والكافر، وأنها بلاشك تخالف معهود البشر من الدواب خلقة وعملاً، وأنها من علامات الساعة الكبرى، وأنه بعد خروجها يقفل باب التوبة فلا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا.
... والذي ينبغي للمؤمن الحذر منه هو الخوض فيما لا علم له به ولا برهان يعضده وأن يعلم أن الأمر غيب وأمور الغيب لا مدخل للعقول فيها، فإنها خارجة عن مدركات العقول وطاقاته، وليحذر العاقل من فتح الباب على نفسه بالترهات الباطلة والآثار التافهة التي لا خطام لها ولا زمام، فإن بعض الأغبياء انساق وراء أفكاره التافهة حتى زعم أن الدابة هي هذه الحشرات التي في الجو وفي بدن الإنسان التي تفتك به وهو لا يشعر، وهذا زعم باطل ورأي عاطل عن البرهان، بل هو مخالف للنصوص ولما أجمع عليه أهل السنة، ولا نقول إلا أن هذه الآراء الباطلة والمذاهب العاطلة هي في حقيقتها الجراثيم التي توجب لصاحبها تعطيل النصوص وتحريفها والتشكيك في صحتها وصراحتها، وحق أصحابها أن يرش في وجوههم مبيد الحشرات حتى يتخلصوا من جراثيمهم التي عشعشت في عقولهم ونسجت خيوطها في أفهامهم، نعوذ بالله من حال من قدم عقله على نص الشريعة، والله أعلى وأعلم.
... ج 345: العلامة التاسعة من العلامات الكبرى، النار التي تخرج من اليمن من قعرة عدن، من بحر حضرموت.