فهرس الكتاب
الصفحة 384 من 614

الخامس: الترفق في الأمور وخصوصاً في إصدار الأحكام فإنه الفتن يكثر فيها الهرج والمرج والقيل والقال وتكثر فيها التصريحات ولتفنن وكالات أنباء في نقل الأخبار على ما تريده من زيادة ونقص ويخدم مصالح أحرى، فاحذر من أن تتعجل في بناء حكم بمجرد خبر سمعته أو جريدة قرأتها أو تحليل أخباري سمعته، فإن الأحكام على الغير شأنها عظيم وخطرها جسيم وعواقبها وخيمة، وفي الفتن قد يخفى الحق وتختلط الحقيقة بغيرها ويلتبس الأمر على كثير من أهل العلم فضلاً عن العامة، وتكثر الإشاعات الأراجيف فكان لزماً على العاقل أن لا يصدر الأحكام بناءً على شيء من الإشاعات والأراجيف، وقد ندبنا إلى الرفق في الأمور كلها، فترفق وتأن فإن في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، حتى إذا انجلت الفتنة وظهر نور الحق واختفى غيهب الباطل وتميزت الأمور فأمشي حينئذ على نور من الله وبصيرة.

السادس: الامتثال على أمر الله تعالى بتزكية النفس بالإكثار من الطاعة وصدق التوبة، وإعظام اللجأ والتضرع إليه، بالدعاء الصادق والقلب الحاضر أن يكفي الأمة شر الفتن ما ظهر منها وما بطن فإن هذه الفتن التي تنزل بالأمة هي في حقيقتها مذكرات وموقظات ومواعظ فعلى العبد أن ينظر فيها بعين الاتعاظ والاعتبار وأن يستفيد منها الدروس، وإن من أعظم ما يستفيده العبد من ذلك علمه اليقيني بحاجته التامة لربه جل وعلا وافتقاره الذاتي لله تبارك وتعالى الافتقار الذي لا ينفك عنه أبدا فإن مطالعة هذا الافتقار هو عين سعادة العبد، والغفلة عنه هو عين شقاوته فكم من قلب استفاق من غفلته فيها، وكم من غوي ضال صار مهتدياً راشداً فيها وكما قال تعالى (( ولا تحسبوه شراً لكم بل هو خيرا لكم ) )وقال تعالى (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام