.. الأول: أن يعتقد المتطير أن ما تطير به هو الذي يجلب الخير أو يدفع الشر بذاته استقلالاً، أي أن هذه الأشياء التي تطير بها من المسموع أو المرئي أو الزمان أو المكان هو الذي يفعل ذلك بذاته، فهذا لاشك أنه تطير يوصل صاحبه إلى الشرك الأكبر المنافي لأصل التوحيد، وهو شرك في الربوبية لكنه اعتقد خالقًا ومقدرًا مع الله تعالى، ولأنه اعتقد أن لهذه الأشياء تصرفًا خفيًا ذاتيًا، وهو أيضًا شرك في الألوهية لأنه تعلق قلبه خوفًا ورجاءً بغير الله تعالى في أمر لا يقدر عليه إلا الله تعالى.
... الثاني: أن يعتقد المتطير أن الله تعالى هو الذي يجلب الخير ويدفع الشر وأن هذه الأشياء التي تطير بها إنما هي أسباب للخير والشر فقط، فهذا هو الشرك الأصغر؛ وذلك لأنه اعتقد سببًا ما ليس بسبب شرعًا ولا قدرًا، بل قد ورد الشرع بنفي كونه سببًا، ولأنه وسيلة للشرك الأكبر، ولكن هذا فيما إذا استرسل معه وصده ذلك أو أمضاه، أما إذا وقع في شيء من ذلك ودافعه وجاهده بالطرق الشرعية وأزاله من قلبه واستعان بالله تعالى وتوكل عليه ولم يفكر فيه فهذا لا شيء عليه، بل هو مأجور بهذه المجاهدة، وهذه الواردات من إلقاء الشيطان ووسوسته، ومن فضل الله علينا أنها من جلة حديث النفس المعفو عنه كما في قوله ?: (( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ وما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم ) )، والله أعلم.
... ج 76: أقول: الطرق كثيرة ومتنوعة ولله الحمد والمنة، وأذكر لك أهمها فأقول: