الجواب الثاني: أن نقول: إن كيفية الشيء لا تعلم إلا بعد العلم بكفه ذاته، فأخبرني أنت عن كفه ذات الباري جل وعلا، فبالطبع لن يجد جواباً وسيقول لا أعلم كيفية ذاته، فقل له: إذا كنا أنا وأنت مشتركين في عدم العلم بكيفية الذات فكيف تطالبني بكيفية صفة ذاتٍ لا أعلمها فإن من يجهل كيفية ذات شيء فإنه من باب أولى أن يجهل كيفية صفاتها، فأنا لا أعلم كيف استواء الله لأنني أصلاً لا أعلم كيف هو في ذاته ولا أعلم كيفية وجهه ويديه وعينيه لأنني أصلاً لا أعلم كيف هو في ذاته جل وعلا، فالجهل بكيفية الذات مفضي إلى الجهل بكيفية الصفات وقد تقرر عند أهل السنة أن القول في الصفات كالقول في الذات، فنحن لا نعرف كيفية صفات الله تعالى لأننا أصلاً لا نعرف كيفية ذاته.
الجواب الثالث: أن تبين له أن الكيفية لا يمكن أن تعرف إلا بالرؤية ونحن لم نر الله تعالى، أو بمشاهدة النظير، وليس لله مثيل ولا شبيه حتى نستدل برؤية صفاته على صفاته كيف وقد قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: من الآية 11) وقال (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) (مريم: من الآية 65) وقال (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الاخلاص:4) وقال تعالى (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:74) أو بإخبار الصادق صلى الله عليه وسلم عن الكيفية، وهذا منتفٍ أيضاً فإنه صلى اله عليه وسلم أخبرنا بالصفة ولم يخبرنا بكيفيتها فوجب الوقوف حيث وقف النص، فبالله عليك: شيء لم أره ولم أر نظيره ولم يخبرني الصادق عن كيفيته، فكيف أتعرف على هذه الكيفية التي تطالبني بها.
الجواب الرابع: وهو جواب علمي، وهو بمثابة الكي الذي هو آخر العلاج، ولعلك عرفته، فإياك أن تجبن عنه، بل قم به انتصارا لله تعالى وذباً عن شريعته، ونترك تفاصيله كتقديرك للمصالح والمفاسد والله أعلم.