ج/ أقول: السؤال عن كيفية صفات الله محرم وجريمة من إقحام العقل والنفس فيما لا مجال لها فيه وهو من زلل القول وخطل الفهم الذي ينبغي لصاحبه التوبة النصوح والاستغفار الكثير منه وذلك لأنه مسلك الهالكين من أهل البدع ومن أبواب الشر التي لو فتحت لأفسدت على الناس عقيدتهم في ربهم جل وعلا، ولأنه مخالف لمنهج السلف فإن السلف رحمهم الله تعالى لا يعرف عنهم كلمة واحدة في ذلك ولأنه من الأمور الغيبية التي هي خارجة عن حدود العقل وطاقاته فمهما أعملت عقلك في إدراك الكيفية لشيء من صفات الله فلن ترجع إلا بالضلال والخيرة والتيه والشكوك والأسئلة الكثيرة والإشكالات المحيرة التي لا جواب عنها إلا يردع العقل والنفس عن الدخول في ذلك، فما هلك أهل التمثيل والتعطيل إلا لأنهم وضعوا لصفات الله كيفية من عند أنفسهم فرضيها أهل التمثيل فمثلوا وأباها أهل التعطيل فعطلوا، فأحذر من سلوك سبيلهم الضال، وقف حيث وقف السلف في صفات الله العظيم الكبير المتعال ولأن الكيفية لا تعلم إلا بالرؤية أو بمشاهدة النظير أو بإخبار الصادق عنها وكلها منتفية في حق صفات الله تعالى، وأما الجواب لمن سألنا عن شيء من ذلك فهناك عدة أجوبة:
الأول: أن نقول له: ما سألت عنه من الصفات معناه معلوم، وكيفه مجهول والإيمان بها واجب والسؤال عنه بدعه، وهذا الجواب صحيح سديد باتفاق أهل السنة، وصالح للإجابة به عن أي صفة قد سئل عن كيفيتها، فهو وإن ورد في الإجابة عن السؤال عن كيفية صفة الاستواء، لكن يصلح للجميع لأن المتقرر أن القول في بعض الصفات كالقول في بعضها، وهذا أوضح.