فهرس الكتاب
الصفحة 222 من 614

.. ج 191: العلاقة بينهما علاقة تضمن وتلازم وبيانها أن يقال: إن الممثل لابد أن يكون معطلاً، والمعطل لابد أن يكون ممثلاً، فكل ممثل معطل وكل معطل ممثل.

... فأما تمثيل المعطل فمن وجوه:

... أحدها: أنه لم يصل إلى درجة التعطيل إلا بعد أن صعد درجة التمثيل، فمثلاً أولاً وعطل ثانيًا، وذلك لأنه قد قام في ذهنه أنه لو أثبت لله الصفات لاستلزم ذلك مماثلة الله بالمخلوقات، فقال: لابد إذًا من تعطيل الله عن صفاته فرارًا من الوقوع في التمثيل، فالتمثيل هو السبب الذي أوقعه في التعطيل.

... الثاني: أنه لما عطل الله عن أسمائه وصفاته فإنه يكون بذلك قد شبه الله بالمعدومات التي لا توصف بوصف، بل إن لازم مذهب غلاة الغلاة من الجهمية الذين يسلبون عن الله النقيضين وصف الله تعالى بالممتنعات، فالمعطل ممثل من هذين الوجهين.

... وأما تعطيل الممثل فمن وجوه:

... الأول: أنه عطل النص الذي يثبت هذه الصفة التي مثلها بصفة خلقه، فقد عطل النص الخاص، فعطل النصوص المثبتة بصفة الوجه عن كمالها الواجب وما يراد بها وعطل نصوص إثبات اليد والتي تثبت العين والتي تثبت الاستواء والتي تثبت النزول الغضب والرحمة والرضى ونحو ذلك، لأنه يعتقد في كل نصٍ منها مماثلة الله بخلقه وهذه النصوص لا يراد بها ذلك فيكون بهذا الاعتقاد الفاسد قد عطلها عن المراد الصحيح لها.

... الثاني: أنه عطل النصوص العامة التي تنفي المماثلة بين الخالق والمخلوق، كقوله تعالى: ? ليس كمثله شيء ?، وقوله: ? هل تعلم له سميًا ?، وقوله: ? فلا تضربوا لله الأمثال ?، وقوله: ? ولم يكن له كفوًا أحد ?، وغير ذلك لأنها تنفي المماثلة وهو يعتقد المماثلة فيكون قد عطلها عن معناها الصحيح، فالويل له ثم الويل له؛ لأنه جنى على دلالة النصوص الخاصة والنصوص العامة، والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام