فهرس الكتاب
الصفحة 196 من 614

.. ج 174: أقول: لقد فصل النبي ? هذه المسألة بالبيان الواضح والشافي، وذلك فيما رواه مسلم في صحيحه في دعاء الاستفتاح أنه ? كان يقول: (( لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت ) )، وهذا القول من الصادق المصدوق ? يثبت أن الشر لا ينسب إلى الله تعالى، فالله تعالى لا يفعل إلا الخير والقدر من حيث نسبته إلى الله تعالى لا شر فيه بوجهٍ من الوجوه، فإنه علم الله وكتابته ومشيئته وخلقه وذلك خير محض وكمال من كل وجه، فالشر ليس إلا الرب بوجه من الوجوه لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته ولا في أفعاله، وإنما الشر يدخل في المقضي لا في القضاء وفي المقدور لا في القدر، ونعني بالمقضي والمقدور الفعل الصادر من المخلوق، فالمخلوق هو الذي يفعل الشر، فالقدر فعل الله تعالى وكله خير لا ينقسم إلى خير وإلى شر، وأما المقدور فهو فعل العبد وهو ينقسم إلى خير وإلى شر، فالكفر شر باعتبار نسبته إلى العبد، والظلم شر باعتبار نسبته إلى العبد، فلابد من التفريق بين الفعل والمفعول، والخلق والمخلوق، ففعل الله وخلقه كله خير لا شر فيه، وإنما الشر في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله، فإن أسماءه الحسنى وصفاته العليا تمنع نسبة الشر والسوء والظلم إليه، وذلك لأن الشر إن أريد به وضع الشيء في غير موضعه فهو الظلم، ومقابله العدل والله منزه عن الظلم جل وعلا ? وما ربك بظلام للعبيد ?، وقال: (( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ) )رواه مسلم من حديث أبي ذر، فالله تعالى منزه عن الظلم لكمال عدله، وإن أريد بالشر ما يلحق العبد من الأذى بسبب ذنب ارتكبه العبد فإن هذا لا يعد شرًا له، بل هو عدل منه جل وعلا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام