.. وبناءً عليه: فمن فعل شيئًا من هذه المكفرات قولية كانت أو فعلية وهو صغير لم يبلغ فإنه لا يحكم عليه بمقتضاه، وذلك لفوات شرط وهو البلوغ ووجود مانع، وهو الصغر، وفي الحديث السابق: (( وعن الصغير حتى يحتلم ) )، والله أعلم.
... الثالث: العلم، أي أن يكون فاعل الكفر أو قائله عالمًا، وضد العلم الجهل، فالعلم شرط والجهل مانع.
... وبناءً عليه: فمن فعل شيئًا من المكفرات قولية كانت أو فعلية وهو جاهل بحقيقة الحال ومثله يجهل فإنه لا يحكم عليه بمقتضاه، وذلك لفوات شرط وهو العلم ووجود مانع وهو الجهل، لكن لابد أن يكون ذلك الجهل من الجهل الذي يعتبر عذرًا في حقيقة الأمر، وهو الذي يعبر عنه الفقهاء بقولهم: (( ومثله يجهل ) )، قال تعالى: ? ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ? والجهل نوع من الخطأ، وقال تعالى: ? لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ?، وتكليف العبد بما لا يعلمه تكليف له بما لا يطاق، وهو منتفٍ شرعًا، وقد ذكر أبو العباس - رحمه الله تعالى - أن الجهل عذر معتبر مطلقًا أي سواءً كان في مسائل الشريعة أو العقيدة، وذكر - رحمه الله تعالى - أن القول بعدم العذر في مسائل الاعتقاد مسلك المبتدعة، أما أهل السنة فهم يعذرون الجاهل في كل المسائل، لكن بهذا الشرط المعبر عنه بقولهم: (( ومثله يجهل ) ).
... ويدل على ذلك أيضًا: حديث ابن عمر في الصحيحين في صلاة أهل قباء إلى القبلة المنسوخة، فعذروا بذلك، وسبب العذر الجهل بالدليل الناسخ، فإذا كان هذا حال أهل قباء مع قربهم من المدينة فكيف بحال البعيدين عن المدينة، فالكل قد عذر ولم يؤمر بالإعادة، وسبب العذر هو الجهل.