ج/ هذا الأمر من أشد المنكرات وأعظم المحرمات وأكبر الوسائل لتعظيمها واتخاذها أوثانا تعبد من الله تعالى ومن اتخاذها عيدا ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا) وفي الصحيح أيضا أنه قال (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يحذر ما صنعوا قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا) وفي الصحيح أيضا عنه أنه قال (ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة لم يشرعها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا فعلها الصحابة لا عند قبره صلى الله عليه وسلم، ولا عند غيره، وهي من جنس الشرك وأسبابه، ولا يفهم أحمق أرعن جاهل غبي أخرق أن كلامنا هذا فيه إنقاص من قدر الأنبياء والأولياء فإن هذا لا يفهمه إلا من عشعش الشيطان في قلبه وبيض وفرخ وعمره بسوء الظن، لأن تعظيم الأنبياء إنما يكون بالإيمان بهم وطاعتهم وموالاتهم ونصرتهم، وتعزيرهم، وتوقيرهم بما هو مشروع، فالتعبد مبناه على الدليل والإتباع لا على الهوى والابتداع فليس كل أحد يعمل في دينه ما يشتهي بل مصداق المحبة الصادقة أتباع المحبوب فيما يأمر به فيمتثل، وفيما ينهى عنه فيجتنب وفيما يخبر به فيصدق، وما شرع لنا على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم النهي عن شد الرحال لغير هذه المساجد الثلاثة ـ أعني إذا كان القصد التعبد ـ كما نهي عن الدعاء عند القبور ورفع ترابها والبناء عليها والكتابة عليها وتجصيصها وزخرفتها وإسراجها والذبح عندها والنذر لها وبناء المساجد عليها والصلاة عندها كل بذلك مما شرع لأمته، فواجب على الأمة أتباعه فيه وأن يكون هوانا تبعاً لما جاء به صلى الله عليه وسلم وأن لا تأذي الأموات بفعل هذا الشرك عندهم و جريمة نكرا،